في مشهد فني وإعلامي يعج بالوجوه والمواهب، تبرز أسماء استطاعت أن تحجز لنفسها مكانة مميزة بفضل اجتهادها وتفردها، ومن بين هذه الأسماء، تلمع النجمة التونسية مريم بن حسين، التي نجحت في أن تجمع بين التمثيل والإعلام، وتتنقل بين الأدوار الفنية والبلاطوهات الإعلامية بخفة واحترافية قلّ نظيرها.
ليست مريم مجرد ممثلة تؤدي أدوارًا درامية أو إعلامية تقدم برامج، بل هي شخصية متعددة الأبعاد، استطاعت أن تعبر عن صوت المرأة التونسية والعربية، وأن تكون مرآة لقضايا المجتمع، ومثالاً للمرأة الطموحة التي تبني مسيرتها على أسس من الالتزام والجودة والوعي الثقافي.
ولدت مريم في تونس العاصمة، ونشأت في بيئة شجعتها على الإبداع والانفتاح على مجالات متعددة، فاختارت طريق الفن والإعلام لتقول كلمتها وتُعبّر عن ذاتها.
ورغم التحديات، فقد استطاعت أن تثبت وجودها في أكثر من مجال، وأن تبني قاعدة جماهيرية واسعة جعلتها من أبرز الشخصيات النسائية في تونس والعالم العربي.
لم تكن رحلتها سهلة، ولكنها لم تكن عادية أيضًا، إذ تنقلت بين عوالم مختلفة، من الإذاعة إلى التلفزيون، ومن التمثيل إلى الإنتاج، ومن الشهرة إلى الالتزام الاجتماعي ، بكل اتزان ووعي، ما جعلها نموذجًا للفنانة المثقفة والمواطنة الفاعلة.
النشأة والتعليم :
ولدت مريم بن حسين يوم 13 مارس 1979 في العاصمة تونس. نشأت في بيئة محبة للفن والثقافة، وشغوفة بالإعلام.
كانت منذ صغرها تهتم بالقراءة، والمسرح، والاستماع إلى الإذاعة، وهو ما جعلها تنجذب إلى عالم الميكروفون والكاميرا في وقت مبكر من حياتها.
درست في معهد الصحافة وعلوم الإخبار بتونس، وتابعت دراستها العليا في مجال الإعلام والاتصال في باريس، حيث تعمّقت في التكوين الأكاديمي الذي منحها قاعدة صلبة لممارسة مهنة الصحافة والإعلام بمهنية عالية.
الانطلاقة الإعلامية :
بدأت مريم مسيرتها المهنية في مجال الإعلام، حيث عملت في الإذاعة التونسية كمقدمة برامج.
امتلكت صوتاً إذاعياً جذاباً وأسلوباً راقياً في الحوار، ما جعلها تحظى بجمهور واسع وتقدير مهني من زملائها والمستمعين.
من أبرز الإذاعات التي عملت بها: إذاعة موزاييك أف أم، والإذاعة الوطنية التونسية، وإكسبريس أف أم.
لم تكتف مريم بالعمل الإذاعي، بل انتقلت لاحقًا إلى التلفزيون، حيث أثبتت حضورها المميز كمقدمة برامج متنوعة، سياسية واجتماعية وفنية.
كانت تُعرف بثقافتها الواسعة، وطريقة إدارتها الحوار بأسلوب محترم واحترافي، مما عزز مكانتها كمقدمة برامج من الطراز الأول.
من بين أبرز البرامج التي قدمتها :
"موندام" (Mondam) على قناة حنبعل: برنامج حواري سياسي اجتماعي.
"اللمة" على قناة الوطنية الأولى.
"تونس في أسبوع".
"مع الناس": برنامج اجتماعي إنساني سلط الضوء على مشاكل المواطن.
"ريحة البلاد" على قناة نسمة.
الانتقال إلى عالم التمثيل :
لم يقتصر طموح مريم بن حسين على الإعلام فقط، بل دخلت عالم التمثيل بقوة، واستطاعت أن تترك بصمتها من خلال مشاركتها في عدد من الأعمال الدرامية الناجحة.
امتلكت موهبة حقيقية في الأداء التمثيلي، وقدرة على تقمص الشخصيات المختلفة، سواء القوية أو الضعيفة، المعقدة أو العفوية.
من أبرز الأعمال الدرامية التي شاركت فيها :
1. مسلسل مكتوب
2. مسلسل الأيام
3. ناعورة الهواء
4. حكايات تونسية
5. تاج الحاضرة
6. المايسترو
تميزت مريم بقدرتها على تجسيد الأدوار المركبة، وكانت تحرص على اختيار أدوار تحمل رسالة فنية واجتماعية، ما يعكس حرصها على توظيف الفن في خدمة القضايا المجتمعية.
الإنتاج والإشراف الفني :
إلى جانب التمثيل والتقديم، خاضت مريم بن حسين تجربة الإنتاج التلفزي، حيث أسست شركتها الخاصة للإنتاج الإعلامي.
هدفت من خلالها إلى تقديم محتوى محترم وهادف، يخاطب العقل التونسي والعربي بعيداً عن الابتذال.
هذا التوجه جعلها من الإعلاميات القليلات اللاتي تملكن نظرة استراتيجية في مجال صناعة الإعلام.
النشاط الاجتماعي والإنساني :
مريم بن حسين معروفة بمواقفها الإنسانية والاجتماعية، وهي من الشخصيات الإعلامية التي دافعت عن قضايا المرأة، وحقوق الإنسان، والمهمشين.
كما كانت ناشطة في حملات التوعية المتعلقة بالصحة النفسية والدفاع عن الطفولة.
شاركت في عدة حملات بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، وكانت دائماً حاضرة في المبادرات الخيرية، ما جعلها محبوبة في الأوساط الشعبية.
الحضور الإعلامي والظهور العام :
تُعرف مريم بحضورها الراقي على الشاشة، وحرصها على الظهور بأناقة تعكس الذوق التونسي والعربي.
كما أنها كثيرًا ما تُستدعى للمشاركة في المهرجانات الفنية والثقافية، مثل:
أيام قرطاج السينمائية.
مهرجان قرطاج الدولي.
مهرجان القاهرة للإعلام العربي.
مهرجان كان (بصفتها ضيفة شرف).
وغالباً ما يتم الإشادة بذوقها في اختيار أزيائها، وحرصها على دعم المصممين التونسيين الشبان.
المواقف والآراء :
تُعرف مريم بأنها صاحبة مواقف واضحة وشجاعة في عدد من القضايا، سواء الاجتماعية أو السياسية أو الثقافية.
لا تتردد في التعبير عن آرائها بجرأة، ولكن دون تجريح أو انفعال.
وتحرص على أن يكون صوتها معبراً عن شريحة كبيرة من التونسيين، خاصة النساء والشباب.
الجوائز والتكريمات :
جائزة أفضل إعلامية تونسية في أكثر من مناسبة.
تكريم من وزارة المرأة والأسرة تقديراً لدورها في الدفاع عن قضايا النساء.
جوائز تمثيلية عن أدائها في عدد من المسلسلات.
تم اختيارها أكثر من مرة ضمن قائمة "أكثر الشخصيات تأثيراً" في الإعلام التونسي.
الحياة الشخصية :
رغم أنها شخصية عامة، تحرص مريم بن حسين على إبقاء حياتها الخاصة بعيدة عن الأضواء.
حيث تؤمن أن التوازن بين الحياة المهنية والعائلية أساس النجاح.
تحدثت في لقاءات محدودة عن أهمية دعم الأسرة لها، وخاصة دور والدتها في حياتها.
الوعكة الصحية الأخيرة :
في بداية عام 2025، تعرضت الممثلة والإعلامية التونسية مريم بن حسين لحادث خطير أثناء تصوير مشاهد من المسلسل التاريخي "سيوف العرب" في المغرب.
خلال التصوير، سقطت مريم من ارتفاع، مما أدى إلى إصابتها بكسور في العظام وتمزقات عضلية.
نُقلت على إثر ذلك إلى إحدى المصحات في المغرب، حيث خضعت لعملية جراحية دقيقة استغرقت ست ساعات .
قضت مريم خمسة أيام في المستشفى، وأكدت في تصريح لإذاعة "موزاييك" أنها ستحتاج إلى فترة راحة تمتد لستة أسابيع، بالإضافة إلى جلسات علاج طبيعي لضمان تعافيها الكامل .
كما أعربت مريم عن تأثرها النفسي بسبب الحادث، خاصةً وأنه وقع أثناء تواجدها بعيدًا عن عائلتها وبلدها.
لكنها أشادت بالدعم الكبير الذي تلقته من زملائها الممثلين، وخصوصًا التونسيين منهم، الذين وقفوا بجانبها وساعدوها على تجاوز هذه المحنة .
بسبب حالتها الصحية، أعلنت مريم اضطرارها للاعتذار عن المشاركة في أي أعمال فنية أو مناسبات خلال الفترة القادمة، متمنية العودة قريبًا إلى نشاطها الفني بعد التعافي.