في ساحة موسيقية يطغى عليها الطابع التجاري والتقليدي، ظهر بلطي ليعبّر عن وجع الشارع، وهموم الشباب، ويرسم بكلماته ملامح الواقع التونسي بكل صدقه وقسوته.
يعتبر بلطي اليوم واحدًا من أبرز وأهم مغني الراب في تونس والعالم العربي، بعدما نجح في تجاوز الحدود المحلية ليصل إلى جمهور واسع ومتنوّع، دون أن يتخلى عن جذوره وهويته.
النشأة والبدايات :
ولد بلطي واسمه الحقيقي محمد صالح بلطي في العاصمة تونس يوم 10 أفريل 1980.
ترعرع في بيئة شعبية، حيث واجه الكثير من التحديات والصعوبات التي شكّلت لاحقًا مصدر إلهام لأعماله.
بدأ مشواره الفني في بداية الألفينات، وكان من أوائل الذين ساهموا في وضع اللبنات الأولى لمشهد الراب التونسي، إلى جانب أسماء أخرى.
بلطي لم يدخل الساحة الموسيقية بدافع الشهرة، بل بدافع التعبير، والبوح، والتمرد على واقع مليء بالتناقضات والخيبات.
أغانيه الأولى كانت تسجيلات بسيطة بإمكانات محدودة، لكنها حملت رسائل قوية وواقعية جعلته يلقى صدى واسعًا في الأحياء الشعبية.
المواضيع التي يتناولها :
لا يكتفي بلطي بالتحدث عن نفسه أو عن المال والشهرة كما يفعل بعض فناني الراب، بل يسلط الضوء على قضايا حقيقية مثل:
الفقر والبطالة
الظلم الاجتماعي
الحُب والخيانة
الشباب التائه بين الحلم والواقع
العلاقات الأسرية المعقّدة
الانتشار العربي والعالمي :
بأغنيته الشهيرة "يا ليلي ويا ليلا" (مع الطفل حمودة)، تمكن من إيصال رسالة ملايين الأطفال الذين يكبرون في ظروف صعبة، محققًا أكثر من مليار مشاهدة على يوتيوب، ما جعله يدخل التاريخ كأحد أكثر الفنانين العرب مشاهدة.
الأسلوب الفني :
أسلوب بلطي يتميز بمزيج بين الكلمات الواقعية والإيقاعات العصرية، ويمزج أحيانًا بين الموسيقى الشرقية والراب الغربي.
صوته الدافئ وأداؤه الصادق يجعلانه قريبًا من قلوب الجمهور.
كما يتقن بلطي استخدام اللهجة التونسية بطريقة ذكية، حيث يجعلها مفهومة حتى لغير التونسيين من خلال وضوح النطق والموسيقى المعبرة.
التعاونات والنجاحات :
تعاون بلطي مع عدد من الفنانين داخل تونس وخارجها، أبرزهم:
حمودة (في "يا ليلي")
اليانا Eliana
Balti ft. Akram Mag (في "Wala Lela")
زينة القصرينية
French Montana (ضمن مشروع موسيقي لم يكتمل)
وقد حصل على عدة جوائز محلية ودولية، كما شارك في مهرجانات كبرى، مثل قرطاج الدولي وموازين في المغرب.
الانتقادات والمواقف :
لم يخلُ مشوار بلطي من الانتقادات، سواء من منافسين في الساحة أو من بعض الإعلاميين. لكنه غالبًا ما يرد بأعماله، لا بالتصريحات. كما اتهمه البعض بأنه أصبح تجاريًا، لكنه يصر على أن التطور لا يعني التخلي عن المبدأ، بل هو وسيلة للوصول إلى جمهور أكبر.
التأثير والإرث :
بلطي ليس مجرد مغني راب، بل هو حالة فنية واجتماعية. استطاع أن يلهم جيلاً كاملاً من الشباب للتعبير عن أنفسهم، سواء في الموسيقى أو في مجالات أخرى.
كلمات أغانيه أصبحت تتردد في الشوارع، المدارس، وحتى في المسيرات والاحتجاجات.
لقد ساهم في جعل الراب أداة للتغيير، لا مجرد موسيقى، وكان له دور مهم في كسر الصور النمطية عن الفنان الشعبي.
في زمن تتغيّر فيه الذائقة الفنية بسرعة، يظل بلطي وفيًا لروحه، صادقًا في فنه، قريبًا من ناسه.
هو مرآة مجتمع، وصوت لا يمكن تجاهله.